11-14-2010, 03:51 PM
|
#1 (permalink)
|
عضو جديد بيانات اضافيه [
+
] | رقم العضوية : 114 | تاريخ التسجيل : Nov 2010 | أخر زيارة : 03-01-2014 (03:50 PM) | المشاركات : 17 [
+
] | التقييم : 20 | | |
المقياس في تأليف الأنساب المقياس في تأليف الأنساب كان العرب في الجاهلية والإسلام يهتمون بعلم الأنساب ومعرفتها وهي من الأمور المحمود تعلمها لديهم وروي أن معاوية سأل دغفلاً عن أنساب العرب , وعن النجوم وأنساب قريش , فوجده رجلا عالما , فقال له معاوية : من أين حفظت هذا ؟ فقال دغفل : بلسان سؤول , وقلب عقول , وإن غائلة العلم النسيان . قال معاوية : قم يا يزيد , فتعلم . ومن المسلّم به بأن العرب في الجاهلية يدركون أنسابهم بالفطرة بسبب التحالفات والحروب التي تنشأ بين بعضهم البعض فيعرف كل طرف منهم نسب الآخر إن كان صديقاً أم عدواً . ثم جاء الإسلام فألّف بينهم وزادهم معرفة وعلماً فأهتم الأوائل منهم في صدر الإسلام كابن الكلبي , وابن دريد , وابن حزم بتاريخ علم النسب فدونوه في كتبهم خوفا من الضياع وحفظاً من النسيان . وكان لهم فضل كبير بعد الله في ذلك , وكان هشام بن محمد بن السائب الكلبي من أحسن من تحدث عنها وكتبها منذ القرن الثاني الهجري فأجاد في ذلك وأحسن أيما إحسان ، كيف لا وقد ورث علم النسب بل وشربه من والده النسابة الكبير محمد بن السائب الكلبي , ثم تلاه ابن دريد ثم ابن حزم فأجادوا فجزاهم الله كل خير لقاء ما قاموا به وأحسن إليهم . ثم ظهر من بعدهم كثير ممن ألف في الأنساب ، فكان اعتمادهم الأول منصب على كتب من أشرنا لهم سالفاً باعتبارها المرجع الأول لمؤلفاتهم في هذا العلم . ورغم أنهم قد بذلوا مافي وسعهم إلا أنهم لم يذكروا في كتبهم ما استجد في زمانهم من البطون أو الفروع الناشئة وإن ذكر بعضهم القليل منها لم يردها إلى أصلها الأول بل إن اغلبهم عاد وكرر ذكر القبائل القديمة في كتابه كما هي ولم يأتي بجديد .وفيهم من نسب بعض القبائل الأخرى إلى الديار التي قد عاشوا بها ولم يبيّن أنسابها ولمن تعود فصار النسب بذلك ناقص المعرفة . كما أن بعضهم ذكر بعض الأنساب وأهمل بعضها الآخر ، إما بسبب اقتصارهم على من ذكروا , أو عدم معرفتهم بمن تركوا فتجنبوا بذلك الخوض لمن لا يعرفون وهذا مما يحسب لهم سبب تركه وقد نجد لهم العذر في ذلك حيث أن كثير من بعض القبائل تنقلت في معظم البلدان التي تم فتحها بداية العهد الإسلامي فاختلط معظمها في تلك المجتمعات فقضت بهذه الأسباب تباعد أنسابهم وتقطع بطونهم عن بعضها , ثم ظهر في زماننا هذا كثير ممن كتب وألف في الأنساب فذكر القبائل القديمة ونقل أنسابها كما هي مع ذكر بعض القبائل الحديثة وتفاصيلها دون الخلط بأنسابها وهذا مما يشكرون عليه . ومنهم من أخذ بالسمع والظن دون معرفة الحقيقة وتحمل أعباء البحث عنها فتناول الكم وترك الكيف فخلط بالأنساب فجعل الأصل فرعا والفرع أصل . ومنهم من ذكر فروعاً لبعض القبائل ثم عاد وذكرها لقبيلة أخرى مع أنها لا تمت لها بصلة دون التأكد من ذلك أو أخذها مشافهة من أهلها , وفعلهم هذا من العلل الفادحة التي وجدت في بعض مؤلفي كتب الأنساب الحديثة وما يصاحبها من إتباع الهوى والمزاجية في التأليف . وهذا قد تتدخل فيه المصالح والمنافع وحب الذات فيكون للهوى مدخلا في ذلك لمن أراد تغليبه على الصدق في التأليف في هذا العلم الصعب والشائك فيلمع بذلك أنسابا ويخلط في أخرى وهذا العمل ينبع من الذين يهتمون بالتأليف لجمع المال دون الحرص على الخبر الصادق والموثق في نقل الأنساب عند الكتابة عنها وهذا النوع من المؤلفين لا يُعتد بما كتب ولا يعتمد عليه لعدم وجود ما يستدل به لديه فلهذا نرى البعض قد جانبه الصواب في ما ذكر من الأنساب ونراه قد غرر وأوهم بذلك من جاء بعده ونقل عنه ما ذكره في مؤلفه وكذبه في ذلك مردود عليه , لأن الحقيقة غير ذلك وهذا من أوجه القصور في كتبهم , والخطأ لايُعذر فاعله ولاناقله إلا ّلمن تراجع عنه وصححه ، والدعاوى ما لم تكن لها بينات فأصحابها أدعياء ، وكان الأحرى بهم أن يأخذوا بقول الشاعر الذي يقول : إذا ما ملكت الشيء علماً فقل به ولا تقل الشيء الذي أنت جاهله هذا والله من وراء القصد وعليه التكلان وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم |
| |