التروي والتردد ـ يستحق القراءة ..! التروي والتردد ـ يستحق القراءة ..!
بين التروي والتردد مسافات شاسعة.. وخطوط عريضة.. وبينهما ايضاً من الممكن ان تنفتح مسارات.. وتنغلق مسارات.. وتردم طرقات.
يصل المتروي الى نهاية النفق.. ويعاود مرة أخرى الى بدايته مؤمناً أن الطريق لم تسد بعد.. وأن للنفق مدخلا كما وأن له نهاية.
ويقف المتردد في اول النفق ممتنعاً عن التقدم.. معتقداً أن البداية هي السد وليس النهاية التي من الممكن ان تكون ايضاً بداية.
تشويش التفكير لديه الحاصل اصلاً من تردده يجعله اكثر خوفاً من الاقدام على اي خطوة مهما كانت بسيطة.. وطبيعية، وتلقائية من كثير من البشر.
كلامه يعكس تردده.. مبدأه في الحياة انا افكر.. او اريد فرصة للتفكير وفي امور لا تستحق اي تفكير.. او حتى توقف.. يفكر.. ويظل يفكر.. يسرقه الوقت.. ويسرقه الزمن.. ويتململ من حوله.. ثم يغضبون.. وهو لا يزال يفكر.. تزيد مطالباته بمنحه الوقت الكافي.. اعطائه مزيدا من الوقت.. متجاهلاً أن الوقت ليس ملكاً لاحد.. بل هو سحب من أرصدة العمر.. وعدم ايداع مرة اخرى.
ماذا بعد التفكير؟
ماذا بعد انتظار من حوله؟
لا شيء.. فكر.. وفكر. ولم يصل الى نتيجة.. حارت دواخله بالاسئلة ولكنه عجز عن الاجابة.
تفاعل مع كل ما يمكن ان يفعله ولكنه عجز تماماً عن حسم امره او الوصول الى حل غادر لحظته وزمنه.. اتجه الى من حوله.. شاعراً بأنه يقدم على تحد حقيقي بالرغم من ان كل من حوله يعرفون تفاصيل هذا التحدي الذي يدعيه.
لجأ اليهم شرح معاناته.. طرح قضيته على طاولة البحث يسمع من هذا وسمع من ذاك.. حاول ان يشرح معاناته صدمه احدهم ان لا جديد في الأمر، فهذه عادته وهذا هو لم يتغير.. يأخذ من هذا وذاك، ويقول فلان نصحني بذلك، وآخر قال ذلك، والمحصلة انت ماذا قلت؟
اتضحت الصورة في المرآة انها صورته هو فقط ولا غيره، فالمرآة عادة لا تعكس الا صورنا.. ولا تسجل الا ملامحنا.. اندمج مع نفسه لم يصل الى قرار والنهاية هذا هو.. يعيد ويزيد من اجل ان يشرح قضية هو اعتبرها قضية وهي ليست كذلك.
انها كارثة احتكار أمر ما واعتباره قضية مُسلما بالحكم فيها.
لا تصل وانت تسمعه الى متاهات الدهشة.. ولا تحملك صورة قلقه الى محطات تجهلها.
يغادر.. ولا تمتلك اقصاءه من عالمك.. او عالم الآخرين فهو نموذج يومي لا ينفتح الا على نفسه.
مثله كثيرون وان اختلفت معايير التردد لديهم.
فمثلاً ان اتفقت مع احدهم على أمر ما، او على فكرة ما قابلة للنقاش والطرح في لحظتها ولم يتبق منها سوى التنفيذ.. يقول لك دعني افكر.. تتركه وتفضل ان لا تقتحم خصوصيته على الاطلاق.. يأتيك رده بعد فترة.. انه فكر في الامر.. بل تعدى ذلك التفكير في التفاصيل وتفاصيل التفاصيل.. اشبع الأمر تفكيرا او وصل الى قناعة كاملة بأنه لا يستطيع.
هذا يعكس ان التفكير في الامور كثيراً والخوض في ادق التفاصيل احياناً يقتل الحماس للقيام بها.
ذلك ان بعض الامور من الممكن فعلها مباشرة دون التفكير الذي يدفع الى الكسل احياناً، او السير في دروب مليئة بالمقاييس والمشاهد التي تدفع الى التوقف.
تقول احداهن باندماج كامل مع احساسها المتفائل بالحياة واقدامها على المرء ان يفعل ما يخطر على باله لحظتها دون تردد، فمثلاً لو فكرت في الاتصال على احد سارع الى استخدام الهاتف دون تفكير لان التفكير سيضيع جمال اللحظة وسيدفع الى تأجيلها. واذا رغبت في الخروج الى نزهة او زيارة صديق او سوبر ماركت سارع لحظتها.. ولا تنتظر لأن اللحظة القادمة لا تعرف تفاصيلها.. او ما تحمله لك من وسائل التعطيل.. ولا تتوقف كثيراً اذا قبضت على قدرتك في اتخاذ قراراتك والهروب من فخ التردد ..
|