إنٌ من الأمور المهمة التي ينبغي أن يراعيها المسلم في دعائه أن يكون متبصٌرا بما يدعو ... به و يطلبه من ربٌه سبحانه و تعالى، غير مستعجل و لا متسرع فيما يطلب و يسأل، بل ينبغي أن يتدبر في أموره حقٌ التدبٌر،ليتحقق ما هو خير حقيق بالدعاء به، و ما هو شرٌ جدير بالاستعاذة منه، و ذلك أن كثيرا من الناس عند غضبه و تضجره و حصول الأمور المزعجة له قد يدعو على نفسه أو ولده أو ماله بما لا يسرٌه تحققه و حصوله، و هذا ناشئ عن تسرٌع الإنسان و عجلته و عدم نظره في العواقب، يقول الله تعالى:{و يدع الإنسان بالشٌرٌ دعاءه،بالخير و كان الإنسان عجولا} [الاسراء:11]
أي يسارع إلى طلب ما يخطر بباله، متعاميا عن ضرره و سوء عواقبه، و إنٌما يحمل الانسان على ذلك عجلته و قلقه، و لهذا قال تعالى:{وكان الانسان عجولا} و إنٌ من أبلغ ما يكون خطرا و أشدٌ ما يكون ضررا في هذا المقام الدعاء على النفس بالهلاك أو العذاب أو دخول النار أو الحرمان من دخول الجنة أو نحو ذلك، و هذا لا يفعله إلا من بلغ الغاية في السٌفة و النهاية في الغيٌ كما حكى الله ذلك عن الكفار المعرضين عن دعوة الرسل المعرضين لدعوتهم كقولهم: {اللٌهم إن كان هذا هو الحقٌ من عندك فامطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}[الانفال:32] و قولهم:{فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصٌادقين}[الاعراف70] إلى غير ذلك ممٌا حكى الله عنهم، مما يدٌل على تمام جهلهم وعظم غيٌهم و سفههم إعراضهم و صدودهم.