إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مُضلّ له ومن يُضلل فلن تجد له وليا مرشدا،، وأشهد أن نبينا محمدا عبده و رسوله بلغ عن الله رسالاته ونصح له في برياته فجزاه الله بإفضل ماجزاء به نبياً عن أمته ، اللهم صلي وسلم وبارك وأنعم عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من آقتفى أثره ، وآتّبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين .
أمـــا بعــد : فهذه وقفه مع آيه من كلام ربنا - جلّ وعلا - نتلمس فيها معارف القرآن وعظاته، نسأل الله أن يزيدنا بها إيماناً ويقينا .
وهذه الآيه المباركه تبيّن لنا كيف أن الله عزّ وجل علّم نبيه وأرشد له خلقه في عدم الإفتراء على رب العالمين مهما أعطي الإنسان حظا من العلم وهذا دلالة على توفيق الله عز وجل له ، لكن الله يخاطب في هذه الآيه أعلم الخلق بالله نبينا فيقول : { وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } وإن من أعظم الكذب أن يكذب الإنسان ويفتري على الله - تبارك وتعالى - ، ومن أعظم الكذب أن يكذب الإنسان على الله - تبارك وتعالى - ، ومن رُزق العلِم الحق رُزق الخشيه ، ومن رُزق الخشيه خاف أن يقول على الله - تبارك وتعالى - ، ماليس له به علم .
فــبادره وخـذ بالجـد فـيهِ //=\\ فـإن آتاكــه الله آنـتـفـعـت فإن أوتيت فيه طويل باعٍ //=\\ وقال الناس إنك قد رؤست فلا تأمن سؤال الله عنه //=\\ بتوبيخٍ علمت!!فهل عملت؟؟
ذكر الناس من قبلنا ان العرب في جاهليتهم كانوا يعمدون إلى رجل يقال له ( عامر بن الضرب العدواني ) يحتكمون إليه في جاهليتهم إذا اختلفوا ، فجاءه مرةً وفد من إحدى القبائل ، فقالوا ياعامر وجد بيننا شخص له آلتان ـ آلة رجل وآلة أنثى ، ونريد ان نورثه فهل نحكم له على أنه أنثى أو نحكم على أنه ذكر ، فمكث هذا الرجل المشرك أربعين يوماً لايدري ماذا يصنع بهم ؟؟!! وكانت له جاريه ترعى له الغنم يقال لها سخيله ، فقالت له في اليوم الأربعين ياعامر قد أكل الضيوف غنمك ولم يبقى لك إلا اليسير اخبرني ،، قال مالك ومال هذا إنصرفي لرعي الغنم ، فأصرت عليه فلما اصرت عليه بالسؤال اخبرها وقال : مانزل بي مثلها نازله ،، فقالت له تلك الجاريه : ياعامر أين أنت إتبع الحكم المبال ، أي إن كان يبول من آلة الذكر فآحكم عليه أنه ذكر وإن كان يبول من آلة الأنثى فآحكم عليه أنه أنثى ، فقال فرجتها عني ياسخيله وأخبر الناس .
قال الإمام الأوزاعي رحمه الله معقباً على هذه القصه : هذا رجل مشرك لايرجوا جنةً ولايخاف من نار ولايعبد الله ويتوقف في المسأله أربعين يوماً حتى يفتي فيها ، فكيف بمن يرجوا جنةً ويخاف النار ، كيف ينبغي عليه أن يتحرّى إذا صدر للإفتاء وإذا سُؤِل أمراً عن الله - جلّ وعلا - .
ولقد ادركنا شيخنا الأمين الشنقيطي رحمه الله في مدينة رسول الله وثبت عندنا انه جاءه وفد من الكويت ليسألونه مسائل شرعيه ، والرجل في آخر ايام حياته ولو قال قائل انه ليس على وجه الأرض في ذلك الوقت احد اعلم منه لما ابتعد عن الصواب ، ومع ذلك لما سألوه قال : لاادري لاادري لاادري ، فلما اكثروا عليه غير هيئة جلسته ثم قال رحمه الله وغفر الله : اقول كما قال الله - عز وجلّ - :{ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } فلما اكثروا عليه رحمه الله قال : قال فلان كذا وقال فلان كذا وقال فلان كذا ، أما أنا فلا أحمل ذمتي من كلام الناس شيئ لا أدري ، هذا وهو في منزلته وعلمه .
والمقصود في هذا موعظه لكل من صدّره الله - جلّ وعلا - ، لا يغترّ بكثرة حضور الناس له ، أو لايجب عليك أن تُجيب إن كنت لاتعلم ، ولقد قالت الملائكه وهم الملائكه عند ربها : { قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } [ سورة البقرة : 32 ] ومن دلائل الخشيه والتقوى أن لايقترب الإنسان هذه الحُجُز وأن يقف عند ماأوقفه الله - عزّ وجلّ - عليه فلا يقل على عينه مالم ترى ولايقول على سمعه مالم يسمع ولايتحدث على لسانه مالم يقل