خطورة قول القائل يعلم الله كذا
أسند الإمام البخاري – رحمه الله تعالى في (الأدب المفرد) في باب : لا يقول لشيء لا يعلمه : الله يعلمه ، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال :
((حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا سفيان قال : قال عمرو : عن ابن عباس : لا يقولن أحدكم لشيء لا يعلمه : الله يعلمه ؛ والله يعلم غير ذلك ، فيعلّم الله ما لا يعلم ، فذاك عند الله عظيم))اهـ
صحيح الأدب المفرد - الرقم: 588
قال العلامة النووي –رحمه الله تعالى- :
((فصل : من أقبح الألفاظ المذمومة ، ما يعتاده كثيرون من الناس إذا أراد أن يحلف على شيء فيتورع عن قوله : "والله" ، كراهية الحنث ، أو إجلالا لله تعالى وتصونا عن الحلف ، ثم يقول : "الله يعلم ما كان كذا ، أو لقد كان كذا ونحوه ، وهذه العبارة فيها خطر ، فإن كان صاحبها متيقنا أن الأمر كما قال فلا بأس بها ، وإن تشكك في ذلك فهو من أقبح القبائح ، لأنه تعرض للكذب على الله تعالى ، فإنه أخبر أن الله تعالى يعلم شيئا لا يتيقن كيف هو! ، وفيه دقيقة أخرى أقبح من هذا ، وهو أنه تعرض لوصف الله تعالى بأنه يعلم الأمر على خلاف ما هو ، وذلك لو تحقق كان كفرا ، فينبغي للإنسان اجتناب هذه العبارة))اهـ من (الأذكار).
وسئل العلامة العثيمين -غفر الله له- : عن قول بعض الناس:
( يعلم الله كذا وكذا )؟
فأجاب بقوله :
(قول (يعلم الله) هذه مسألة خطيرة حتى رأيت في كتب الحنفية أن من قال عن شيء : "يعلم الله" ، والأمر بخلافه ، صار كافرا خارجا عن الملة ، فإن قلت : ( يعلم الله أني ما فعلت هذا ) وأنت فاعله ، فمقتضى ذلك أن الله يجهل الأمر! ، ( يعلم الله أني ما زرت فلانا ) وأنت زائره ، صار الله لا يعلم بما يقع ، ومعلوم أن من نفى عن الله العلم فقد كفر ، ولهذا قال الشافعي – رحمه الله في القدرية قال : ( جادلوهم بالعلم فإن أنكروه كفروا ، وإن أقروا خصموا ).
والحاصل أن قول القائل : ( يعلم الله ) ، إذا قالها والأمر على خلاف ما قال ، فإن ذلك خطير جدا وهو حرام بلا شك .
أما إذا كان مصيبا ، والأمر على وفق مع قال فلا بأس بذلك ، لأنه صادق في قوله ، ولأن الله بكل شيء عليم ، كما قالت الرسل في سورة يس : {قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون} (76) ))اهـ من(المناهي اللفظية).
|