حب الطبع لا يحتاج إلى توصية، ولذلك أوصى الله الأبناء بالآباء وليس العكس قال تعالى: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [البقرة:83] وقال عز وجل: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [النساء:36] وقال سبحانه: { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [الأنعام:151] وقال الله عز وجل: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [الإسراء:23] وقال جل شأنه: { وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا } [العنكبوت:8] وقال عز من قائل: { وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا } [الأحقاف:15]، ولم يوص ربنا تبارك وتعالى الوالد بولده إلا في موضع واحد، قال: { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ } [النساء:11]؛ لأن الوالد مطبوع على حب الولد، ومغلوب عليه، فمثل هذا الحب المطبوع عليه صاحبه لا يقال له: أحب ولدك.
فانظر إلى هذا التباين، ما بين حب الطبع وحب الاختيار! الولد يحب أباه حب اختيار، والوالد يحب ابنه حب طبع؛ لذلك يكون حب الاختيار أعلى في الميزان من حب الطبع؛ لأن معنى الاختيار أنك تتجاوز هواك، يعني: أن هناك مطاوعة بينك وبين هواك؛ لأن هذا حب اختيار.
هذا والله أعلم