وتعني الجلاء او النفي او الابعاد او الهجرة من ديرة العشيرة إلى ديرة غريبة اذ إن البدو قد وجدوا من خلال تجاربهم الطويلة المريرة إن الجلوة من اهم العوامل في تخفيف وقع الجريمة لانه تضع حدا للمضاعفات التي يتوقع نشوءها، وخاصة إن الجلوة تتم فور ارتكاب الجريمة وقبل إن ينتشر الخبر بين العشائر، لان السوادي البدوية تلزم اقرب العشائر إن تتدخل فورا لمساعدة اقارب الجاني بالرحيل عن ديرتهم مع مواشيهم وممتلكاتهم المنقولة إلى منطقة امينة اخرى.
ولا تحصل الجلوة الا في الجرائم الخطيرة وهي على سبيل الحصر نوعان: • قضايا القتل. • قضايا العرض. للمجلي اهمية خاصة اذ إن الجلوة ليست مجرد انتقال الجاني و اقاربة من ديرة عشيرتهم إلى ديرة جديدة، فقد حددت السوادي البدوية (الديرة) التي تصلح إن تكون (مجلى) لكل عشيرة و اصبح معروفا بين العشائر (المجلى) الذي يصلح لكل منها، فقد لا يصلح (مجلى) احدى العشائر إن يكون (مجلى) للعشائر الأخرى،وقد امدتنا العوايد البدوية
بثلاثة قواعد هامة في هذا المجال و هي:ـ • (ديرة الصاحب لا تعتبر مجلى) وذلك نظرا للاحلاف و الروابط القوية التي تربط بين عشيرة و حليفاتها من العشائر الأخرى والهدف من ذلك انة لو تم الجلاء إلى ديرة عشيرة صديقه فان اقارب المجني عليه يكون ترددهم على هذه الديرة طبيعيا، وبالتالي يمكن إن يحصل الاحتكاك بينهم وبين الجاني واقاربة في هذه الديرة مما يسبب اثارة العواطف وتجديد المنازعات . • كما يقولون (ديرة القبيل تعتبر مجلى) ويعني ذلك إن المنطقة التي تسكنها عشيرة غريبة عن العشيرة التي ينتمي اليها الجاني والمجني عليه يصح إن تكون (مجلى) للجاني واقاربه. • لا يعير البدوالاهتمام لبعد المسافة او قربها بين ديرة العشيرة التي ينتمي اليها الطرفان وبين (المجلى) ولكن العبره اولا واخيرا تعود إلى العشيرة التي تعتبر المجلى ديره لها .
الحالات التي توجب الجلاء:ـ لقد تعارف البدو على إن الجلاء لا يكون الا في القضايا الخطيرة وعلى الخصوص قضايا الدم والعرض،وبالرغم من ذلك فانه لا يجري الجلاءفي كل قضية دم وقضية عرض اذ لا بد من معرفة طرفي النزاع و على ضوء ذلك يتبين طبقا لسوادي البدو إن الجلاء وجوبيا على الجاني واقاربه ام لا، ومن اجل حل هذا الاشكال فقد تعارف البدو على التميز بين الحالتين:ـ حالة وجوب الجلاء:ـ ويكون الجلاء واجبا على الجاني واقاربه واذا وقعت جريمة الدم او العرض مع ابن العم او بين عشائر يجمعها حلف او بنعمة أي روابط صداقة، والجلاء هنا واجب نظرا لقرب منازل عشيرة الجاني من منازل عشيرة المجنى عليه وحفاظا على الروابط الود التي تربط بين العشريتن لتضيق مجال النزاع وحصره باقل عدد ممكن تفاديا للاضطرابات وتنطبق على هذه الحالة وقوع جريمة بين عشريتن من عشائر الحويطات. حالة عدم الجلاء:ـ اما اذا وقعت الجريمة وكانت عشيرة الجاني قبيلا او اجنبية كما يقول البدو بالنسبة إلى عشيرة المجنى عليه فلا يوجد جلاء في هذه الحالة، لان علاقة العشيرتين علاقة عداء اكثر منها حياد فهذه العلاقة يضاف اليها بعد العشيرتين عن بعضهما كل ذلك يقوم مقام الجلاء لانه يجنب الطرفين الاحتكاك وبالتالي لايوجد جلاء كما اذا وقعت جريمة بين عشريتين احدهما من عشائر بنى صخر والاخرى من عشائر الحويطات.
الاطراف الذين تشملهم الجلوة:ـ • حالة الطلوع السابق:ـ فاذا كان هناك (وعد) سابق بين الجاني واقاربه وقع قبل حدوث الجريمة موضوع الجلوة فان الجلوة في هذه الحالة تقتصر على الجاني واقاربة من الدرجات الاولى والثانية والثالثة، اما اقارب الدرجة الرابعة فيقدمون (بعير النوم)إلى عشيرة المجني عليه ومن واجبهم الاشتراك في التأدية فيما بعد. • عدم وجود طلوع سابق:ـ اما اذا لم يكن هناك طلوع سابق، فانه يتحتم على جميع اقارب الجاني إن يجلوا مهما كانت درجة القرابة التي تربطهم بالجاني، واثناء وجودهم في (المجلى) فانهم يستعطون التوسيط لعشيرة المجني علية من اجل القيام بعملية (العد والطلوع)بينهم وبين الجاني. مدة الجلوة ومصير الجلوية:ـ o اذا حلت القضية عن طريق الصلح او القضاء فيكون لهؤلاء(الجلوية) حق العودة إلى ديرتهم و استئناف الحياة من جديد بين عشيرتهم بغض النظر عن المدة التي قضوها في المجلى. o اذا لم تحل القضية بسبب تعنت اقارب المجنى عليه، فقد اختلفت سوادي البدو في هذه الحاله فبعضهم لا يسمح للجالين بالعودة إلى ديرتهم وبعض هذه العشائر تسمح لهم بالعودة إلى ديرتهم بعد إن يكونوا قد امضوا مدة سبع سنوات كما هي الحال عند عشائر بني صخر اما عشائر الحويطات تسمح لهم بالعودة إلى ديرتهم بعد إن يكونو قد امضوا مدة ما بين ثلاثين عاما وخمسين عاما.
الشروط من اجل العودة:ـ • إن يكون الجالون قد طرقوا جميع السبل من اجل حل القضية ولكن جهودهم قوبلت بالرفض مع اقارب المجني علية. • إن يدخلوا ديرتهم بوجه احد الشيوخ المعروفين للحيلولة دون تجدد الاشتباكات مع اقارب المجنى عليه • كما إن للجالين الحق إن يستقروا في ديره المجلى بغض النظر عن النتيجة التي ألت أليها القضية