العودة   قبيلة العرماني > مجالس عرمان العامة > مجلس الأدب ( شعر ، نثر ، قصص )
 

مجلس الأدب ( شعر ، نثر ، قصص ) كافة أنواع الشعر - الألغاز الشعرية - النثر - القصص

« آخـــر الـــمــواضيـع »
         :: غليص ولد رماح (آخر رد :آبن درهوم)       :: نظام المزامنة من المنارة سوفت (آخر رد :الاء وليد)       :: جهاز كشف المعادن من المجموعة الاوروبية (آخر رد :الاء وليد)       :: اكثر الصحابيات رواية للحديث (آخر رد :الاء وليد)       :: فضائل القيام في الشهر الكريم (آخر رد :الطاف)       :: من فنون الرد وسرعة البديهه (آخر رد :روضة حنان)       :: عمل يسير وأجر كبير (آخر رد :شروق مصطفى)       :: حقائق غريبة (آخر رد :روضة حنان)       :: إترك بصمتك وتأكد أنها لن تغيب حتى وإن غاب صاحبها (آخر رد :نورحمدي نور)       :: فوائد الفشار للتخسيس (آخر رد :بدور احمد)      

إضافة رد
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-01-2011, 11:00 PM   #11 (permalink)
زاهية
عضو مشارك


الصورة الرمزية زاهية
زاهية غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3125
 تاريخ التسجيل :  May 2011
 أخر زيارة : 07-26-2011 (07:15 PM)
 المشاركات : 43 [ + ]
 التقييم :  10
افتراضي رد: بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)1



أهلا بك أخي المكرم عزيز نفس
أجل هذا الصحح والقادم من الأجزاء يحكيه
بارك ربي فيك ورعاك
أختك
زاهية بنت البحر


 


رد مع اقتباس
قديم 07-03-2011, 09:50 PM   #12 (permalink)
القناص
عضو ذهبي


الصورة الرمزية القناص
القناص غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 88
 تاريخ التسجيل :  Nov 2010
 أخر زيارة : 07-23-2014 (05:09 AM)
 المشاركات : 2,334 [ + ]
 التقييم :  679
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
افتراضي رد: بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)1



اختي زاهية انتي مبدعة في مواضيعك الرائعة الجميلة واستمتعت في قراتها


 


رد مع اقتباس
قديم 07-04-2011, 01:27 AM   #13 (permalink)
زاهية
عضو مشارك


الصورة الرمزية زاهية
زاهية غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3125
 تاريخ التسجيل :  May 2011
 أخر زيارة : 07-26-2011 (07:15 PM)
 المشاركات : 43 [ + ]
 التقييم :  10
افتراضي رد: بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)1



القناص أخي المكرم
أهلا بك ومرحبا في متصفح الانتظار هذا
بارك ربي فيك ورعاك
أختك
زاهية بنت البحر


 


رد مع اقتباس
قديم 07-04-2011, 01:35 AM   #14 (permalink)
زاهية
عضو مشارك


الصورة الرمزية زاهية
زاهية غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3125
 تاريخ التسجيل :  May 2011
 أخر زيارة : 07-26-2011 (07:15 PM)
 المشاركات : 43 [ + ]
 التقييم :  10
افتراضي رد: بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)4



في هذه الليلة لم تغمض عينٌ لأمِّ عادل، ظلَّت ساهرة تصلِّي، وتبتهل إلى الله سبحانه وتعالى أن يحمي وحيدها، ويرزقه بالمال والولد، صلت ودعت بحرقة، وسقت ذبول خديها دموعًا كثيرة علَّ الأمل ينبت فيهما روضَ سعادةٍ تهدي ثمارها لفلذة كبدها، فتغمض عينيها وهي مطمئنة على ذرية حبيبها الراحل.
- ما الذي جاء بك يا أبا عادل في هذه الساعة المتأخرة من العمر، مازلت شابا، جميلا، لم تغضن السنون وجهك، أحس بالحياء منك، لا تنظر في وجهي، لقد هرمتُ بتقادم الزمن.
تمد يديها المرتعشتين إلى الأمام، تحركهما في الهواء، تبتسم، تسأل: أين أنت.. لماذا لا تكلمني؟
- انتظر، غدا سيبحر عادل ويتركني وسراب، ألا تريد أن تراه قبل السفر؟
- مازلت أدعو الله أن يرزقه الولد.
- لماذا تبتعد؟
- أرجوك، لا ترحل.. لا ترحل، لا ترحل..
وهو يودِّعها عند الفجر، حاولت أن تخفي دموع أمومتها عنه بعد أن أطلقت الباخرة بوقًا تستدعي به جميع البحارة المنتشرين في الجزيرة، بينما لم تستطع سراب حجب دموعها، فبدا القلق جليًا في عيني عادل وحار في أمره.
مع طلوع الشَّمس أطلقت السَّفينة بوق الوداع، فأسرعت سراب بالصُّعود إلى سطح البيت لرؤيتها وهي تمخر في العباب مبتعدة عن الجزيرة، وفوق متنها أغلى الأحبة، اخترقت عيناها مسافة البعد علَّها تلمح مليكها، فتمسح عن جبينه بعض حبات عرق تحتفظ بشذاه لحين رجوعه إليها، وطار قلبها يرفرف فوق السَّفينة نورسَ حبِّ شغوف بوليفه حتى غابت في الأفق البعيد، وظل محلقًا في سمائها يرفض العودة وحيدا دون مليكه.
أحسَّت انكسارًا، فنزلت إلى البيت متثاقلة الخطوات، كريمة العبرات، شاردة الفكر.
استقبلتها حماتها بوجه بشوش يوحِّدُ خالقه، وكأنَّ شيئًا لم يكن، ودَعَتْها لمشاركتها بتناول قهوة الصَّباح تحت الياسمينة التي ظلَّلت فسحة الدَّار.
لم تكن لديها رغبة في شرب القهوة، لكنَّها مسايرةً لحماتها قبلتها، وفي جوفها نار الفراق تحرق فؤادها دون رحمة.
قالت العجوز وهي تناولها الفنجان: لا أحبَّ أن أراك حزينة، ابتسمي يا ابنتي.. لا تكتئبي.. سرعان ما تمرُّ الأيَّام، ويعود إليك. وإنما الحزن على من لا يعود.
أجابتها وهي تمسح دموعها بأنامل يدها: ولكنَّه عام يا امرأة عمي، عام، كثير والله.
ظلت العجوز صامتة، وفي رأسها مالا يعلمه إلا الله، بينما نظرت سراب إلى السَّماء وتابعت: السَّماء ملبَّدة بالغيوم.
فقالت العجوز وهي مطرقة: فقط في الصَّباح، ألا ترينها مقلعة إلى أجواء أخرى؟
- بلى، ولكن..
- اطمئنِّي يا ابنتي مازلنا في أواخر تموز، والرِّيح مازالت في الغربة.
فقالت سراب وقد عاودها البكاء: وتموز القادم مازال بعيداً.
ابتسمت العجوز وهمست: انظري في وجهي، تأمليه جيداً.
سألتها: لماذا؟
أجابت: أتعرفين كم تمُّوز مرَّ على وجهي هذا؟
سألتها سراب: كم تقدِّرين؟
قالت : كثير.. كثير، ولكنَّها مرت جميعاً كتموزٍ واحد.
كلام العجوز جعل الابتسامة تعود إلى ثغر سراب، فقالت بدهشة: تموز واحد يا امرأة عمي؟!!
أجابت العجوز: نعم.. نعم، فالعام ينطح العام، ويلقي به في هوَّة الزَّمن.. غداً يأتي تموز الثَّاني، ويعود عادل، فلا تعكِّري صفو أيّاَمك بالحزن والألم، تمتَّعي بشبابك قبل أن يهرب منك يا ابنتي.
سألتها سراب: كيف مادام زوجي غائباً؟
أجابت العجوز: وهل المتعة محصورة بوجود الزَّوج؟
فسألتها سراب باستغراب: ما رأيك أنت؟
أجابت: طبعاً لا.
سألتها سراب بحرج: لم أفهم ما ترمين إليه، أريد توضيحاً؟
قالت العجوز: لا أعتقد أنَّك لا تفهمين ما قلت، وقد نلتِ قسطاً من التَّعليم.
ردَّت سراب: ربَّما لم أفهم لأنَّ عقلي مازال متأثِّراً بسفر عادل.
فقالت العجوز: حسناً سأوضح لك الأمر.
- تفضَّلي.
سرحت العجوز بنظرها بعيداً، وكأنها تقرأ شيئًا في ملفات الزمن الغابر، وهي تلقي محاضرة هامة:
- لقد خلق الله سبحانه وتعالى الكون، وخلق الإنسان، وخلق كلَّ الموجودات، وسخَّرها له كي يتمتَّع بها، ويجعلها في خدمة عبادته لله عزَّ وجلّ.
سألتها سراب بدهشة: وهل الزَّواج إحدى هذه الموجودات؟
أجابت العجوز: بل من أهمها، لأنَّ الإنسان يتكاثر من خلاله ويحفظ الله به البشر.
قالت سراب بعفوية: ولكن قد يأتي بعض النَّاس من طريق غير شرعي.
فقالت العجوز: هذا الطريق قد نهى الله عنها، وأنكرتها جميع الدِّيانات السَّماوية.
هزَّت سراب برأسها موافقة حماتها التي تابعت قائلة: وبما أنَّ الزَّواج من أهمِّ هذه المتع الجسدية والمعنوية، والاجتماعية، فإنَّ عدم تحققه لا يعني انتفاء المتع الأخرى.
سألتها سراب: كيف؟
أجابت: الاستمتاع بالعبادة شيء عظيم، ورؤية الجمال الذي خلقه الله في الأرض والسَّماء، بمساعدة النَّاس، بالقراءة، وحتَّى بالطَّعام.
فسألتها سراب: هل استمتعت بحياتك بعد وفاة عمّي أبي عادل؟
ابتسمت العجوز بحزن وأجابت: نعم، نعم، ولكن أتعرفين كيف كانت متعتي؟
سألتها: أخبريني؟
أجابت: بتربية أولادي تربية صالحة، وبمساعدتي للمحتاجين رغم محدودية حالتي المادية، استمتعت برؤية البحر هادئًا وصاخبا، بالتَّفكير بملكوت الله وعظمته، وبعبادتي له، وبحياكة الشباك للصيادين، كلُّ هذا استمتاع مشبـِع للنفس، ومن قال غير ذلك فهو كاذب.
قالت سراب: ربَّما كان كلامك صحيحاً، ولكنَّني أشعر بالألم بسبب غياب عادل.
قالت العجوز: وهذا إحساس عاطفي أيضاً، وهو أمر طبيعي، ولكن لا تجعلي الألم يلبسك، حاولي الخروج منه.. عودي لسعادتك، وتمتَّعي بعاطفة الشَّوق إليه دون أن تحرقي نفسك فيها.
سألتها سراب: أأنت تقولين لي هذا، وعادل هو ابنك؟
أجابتها باسمة: عادل هو ولدي وقرَّة عيني، ولكنَّ سفره هو جزء من قدره، فهل أحارب القدر بعاطفة الأمومة التي قد تقتلني حزناً على فراقه، فأسبّب له الألم؟
قالت سراب: تقولين الحق ولكنني ضعيفة أمام عاطفتي، ليتني كنت مثلك قوية أستطيع التحكم بنفسي عاطفيًا.
قالت العجوز: القوَّة خير من الضَّعف حتَّى في أدقِّ المشاعر.. تعلَّمي هذا يا ابنتي، فالحياة لا تحقق لنا دائمًا ما نحب.
قالت سراب: سأحاول، ولكن لا أعدك أن يكون باستطاعتي تحقيق ذلك.

بقلم
زاهية بنت البحر
مريم محمد يمق

يتبع


 


رد مع اقتباس
قديم 07-09-2011, 12:20 PM   #15 (permalink)
عزيز نفس
عضو ذهبي


الصورة الرمزية عزيز نفس
عزيز نفس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 134
 تاريخ التسجيل :  Dec 2010
 أخر زيارة : 07-29-2012 (11:16 PM)
 المشاركات : 2,113 [ + ]
 التقييم :  1745
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
افتراضي رد: بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)4



شكرا على جهدك ومتابعين الروايه أختنا الفاضله زاهيه بنت البحر .


 


رد مع اقتباس
قديم 07-09-2011, 08:10 PM   #16 (permalink)
زاهية
عضو مشارك


الصورة الرمزية زاهية
زاهية غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3125
 تاريخ التسجيل :  May 2011
 أخر زيارة : 07-26-2011 (07:15 PM)
 المشاركات : 43 [ + ]
 التقييم :  10
افتراضي رد: بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)1



5

كان عادل آخر من بقي على ظهر السفينة يودع جزيرته بعينين مغرورقتين بالدموع، جاهدهما في سبيل إخفاء شفقهما القاني عن أنظار رفاقه من البحارة الأشداء، الذين هم أيضًا ودعوا أهاليهم بحثًا عن الرزق الحلال خلف الأمواج على مدِّ النظر، الكثير منهم يحملون في صدورهم قلوبًا من حجر لا يتركون عواطفهم تفتك بها وهم على سفر قد يعودون منه وقد لا يعودون.
كان حزنه يمزق أعماقه، يفتت قلبه، ويقيد صبره، فهناك في الجزيرة ترك أمًا تقدمت بها السن وتلبسها الوهن، ولا يدري أيعود فيراها بصحة جيدة أم تكون قد ودعت الحياة والتحقت بالحبيب الراحل الذي ظلَّ يشغل تفكيرها سنوات عمرها كله، وما زالت تعمل على أن يستمر نسله من خلال عادل.
شعر بالحزن من أجلها، ما ذنبها كي تكابد حسرة حرمانه من الذرية، وقد مرَّ على زواجه من السنوات ما حرمها السعادة مع أحفادها من ابنها الوحيد، مازال يتمنى أن يهبها هذه السعادة، فيرى الفرحة تشرق في عينيها أبدا فلا تميل إلى الغروب، وفي المقابل كانت دموع سراب تلمع في خياله وهي تودعه بقلب ما خفق إلا لأجله زوجًا وحبيبًا.
آه من الحياة ما أمر كؤوسها وما أضعف الإنسان في مقاومة العب منها حتى النهاية مجبرا كان أم راضيا.
هو يعلم بأنه في سفره هذا سيواجه الكثير من المعاناة النفسية والعاطفية من حرِّ أشواقه لحبيبته سراب، ولأمه سيدة الحب الطاهر، ولكنه يعرف أيضا أنه مكره لا بطل.
نظر نحو الجزيرة فبدت له كخيط رفيع يطفو فوق الماء في الأفق البعيد. اتسعت مسافة البعد الجسدي بينهم بفاصل مائي رهيب، بينما توحَّدت مشاعره بمن تركهما بقلبين يلهجان بالدعاء له ليحفظه الله ويرده إليهما سالمًا غانما. وعندما مالت الشمس للمغيب أحس بوحشة تقتحم قلبه فانزوى في مهجعه مرهقًا، وألقى برأسه فوق وسادته تاركًا لعينيه حرية البوح بحزنه دون قيود.
كاد صوت نشيجه يفضحه أمام رفاقه البحارة الذين كانوا يمرون أحيانا بجانب المهجع، لكن الله سلَّم أكثر من مرة وستر عليه، فأنقذه من ألسنتهم التي لا ترحم، والتي ستظل تلوك قصة دموعه في ليالي الإبحار الطويلة، فيتندرون بها تسلية لوجودهم بعزلة عن البشر والحجر والشجر مابين سماء وماء.

بقلم
زاهية بنت البحر
يتبع


 


رد مع اقتباس
قديم 07-09-2011, 08:14 PM   #17 (permalink)
زاهية
عضو مشارك


الصورة الرمزية زاهية
زاهية غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3125
 تاريخ التسجيل :  May 2011
 أخر زيارة : 07-26-2011 (07:15 PM)
 المشاركات : 43 [ + ]
 التقييم :  10
افتراضي رد: بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)6



توالت الأيام كحلم لا تخلو أحياناً من بعض شرود، وشيء من الدُّموع حاولت فيها سراب أن تسلي نفسها بالعمل في أشغال البيت، ومساعدة حماتها في تخزين الأغذية التموينية التي يحتاجونها في الشتاء. فكانت تقضي معظم أوقاتها بمحادثة أم عادل وقلَّ ما كانت تقوم بزيارة أهلها إلا عند الضرورة أو إن كانوا باجتماعٍ عائلي، فهي تحب أسرتها وتحب الاجتماع بهم ولكنها مراعاة لزوجها كانت تقلل من زيارتهم كي لا تترك حماتها وحيدة في البيت.
خلال السنوات العشر الماضية كانت علاقة سراب بأم زوجها رائعة، فكانتا تتعاملان معاملة الأم وابنتها. وكثيرا ما كانت وجيهة تغار من زوجة أخيها ولكنها لم تكن تظهر غيرتها بشكل عدائي، وإنما كما يقول المثل العامي( بالأمزاح تشفى الأرواح) وكانت سراب لا تبدى ضيقا رغم ما يترك الكلام في نفسها من جراح، فكانت تعمل بالمثل القائل( كرمال عين يكرم مرج عيون)، فعاشت بهدوء دون أن ينغص حياتها قيل ولا قال اللهم إلا شعورها باحتياجها لطفل صغير يحقق لها حلم الأمومة، والشعور بأنها أنثى لا ينقصها شيء.
ذات جمعة جاءت والدة سراب لزيارتها باكرا، استقبلتها أم عادل بالترحاب وكانت وجيهة هي الأخرى قد جاءت لزيارة والدتها برفقة أولادها، فقد درجت على هذه العادة في كل يوم جمعة من الصباح وحتى المساء، وكانت سراب تقوم بمساعدتها طوال اليوم بأمور أولادها الخاصة منها والعامة دون ضيق أو تذمر.
قامت أم عادل بواجب الضيافة على أكمل وجه مرحبة بالزائرة الكريمة، ودعتها لتناول الغداء الذي يعدون له، فاعتذرت بلباقة وهي تنظر إلى ابنتها سراب وقد بدا الذبول في وجهها جليا رغم فرحها بزيارة أمها المفاجئة، وازدادت فرحا عندما أعلمتها بأن والدها سيأخذهم بعد صلاة العصر إلى جزيرة الحبيس للسباحة هناك، فالطقس اليوم جميل، والبحر هادئ يغري بخوضه وتوديع الصيف قبل رحيله، فقد اقترب أيلول ولن يعود باستطاعتهم الذهاب إلى جزيرة النوارس والسباحة فيها بعيدا عن أعين الرجال.
أبدت سراب موافقتها ودعت حماتها ووجيهة لمرافقتهم في هذه الرحلة. ابتسمت أم عادل وشكرتها على الدعوة، لكن وجيهة امتعضت وقطبت مابين حاجبيها مبديةً استياءها من الموضوع بحجة أنه يوجد في جزيرة الحبيس بعض الرجال الذين يتعاطون الخمر، وأن عادل لو علم بذلك لما وافق على ذهابها مع أهلها.
أحست والدة سراب بالضيق مما تفوهت به وجيهة وأحدث ذلك في نفسها شرخا قد لا ترأب صدعه الأيام خاصة وأن زوجها هو من طلب منها دعوة ابنتهما، وأنه يخاف على أسرته من الطير الطائر، ولو كان يعلم حقيقة بوجود من ذكرتهم وجيهة لما فكر باصطحاب أهل بيته إلى مكان مشبوه.
التزمت سراب الصمت ودمعة تلوب فوق جفنها، وعندما ودعت أمها لم تتمالك نفسها.. دخلت غرفتها وأغلقت وراءها الباب، وغرقت في بحر من الدموع تألما على أمها من تلك الصفعة التي وجهتها إليها وجيهة بأسلوب فج لم تلتزم به أدب الخطاب.
وعندما دعتها حماتها لتناول الغداء اعتذرت منها بحجة أنها تشعر بالنعاس وهي بحاجة للنوم. لم تلح العجوز عليها بالطلب فقد أحست حقيقة بشعور سراب تجاه ما قالته ابنتها لوالدتها، واكتفت بتوبيخ وجيهة عندما انفردت بها في المطبخ، وطلبت منها الاعتذار من سراب ووالدتها، فأبت لأنها كانت تعتقد بأن ما قالته صحيح، وهي تخشى أن تلوك سمعة أخيها الألسن التي لا ترحم أحدا.
بقلم
زاهية بنت البحر
يتبع


 


رد مع اقتباس
قديم 07-18-2011, 04:51 PM   #18 (permalink)
المحارب
عضو ذهبي


الصورة الرمزية المحارب
المحارب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 109
 تاريخ التسجيل :  Nov 2010
 أخر زيارة : 11-13-2015 (11:45 AM)
 المشاركات : 1,657 [ + ]
 التقييم :  84
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
افتراضي رد: بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)1



الله يعطيك العافيه ختي زاهية البحر


 


رد مع اقتباس
قديم 07-18-2011, 09:35 PM   #19 (permalink)
زاهية
عضو مشارك


الصورة الرمزية زاهية
زاهية غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3125
 تاريخ التسجيل :  May 2011
 أخر زيارة : 07-26-2011 (07:15 PM)
 المشاركات : 43 [ + ]
 التقييم :  10
افتراضي رد: بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)7



لم تخرج سراب من غرفتها إلا للوضوء طوال اليوم إلى أن غادرت وجيهة وأولادها البيت، فراحت ترتب المنزل وتنظفه فقد تركت وجيهة كل شيء على ماهو عليه دون أن تكلف نفسها مشقة إصلاح ما أفسده أولادها من كسر صحون وشق ملاءات وغير ذلك، حتى أنها لم تعتذر من زوجة أخيها رغم علمها بما سببت لها من ألم.
أسرعت أم عادل تساعدها بصمت، فقد كانت هي الأخرى في حال لا تحسد عليها، يفضحها احمرار وجهها وتصبب العرق من جبينها رغم ما طرأ على الطقس من تغير في درجة الحرارة التي مالت للبرودة قليلا، فقد امتلأت السماء بالغيوم الداكنة، وهبت ريح مفاجئة راحت تشتد ساعة بعد ساعة، فحمدت سراب ربها في سرها على أنها لم تذهب وأهلها إلى جزيرة الحبيس فهي تخاف من ركوب البحر عندما يهيج ويموج، ومن يدري فقد كان من المحتمل أن يحصل ذلك وهم في الفلوكة في وسط البحر، وعندها لا أحد يعلم ماذا يمكن أن يحدث لهم، وخطرت في بالها حوادث كثيرة راح ضحيتها رجال ونساء من جراء غرق المراكب في أحوال جوية سيئة مرَّت على الجزيرة من عهد قريب وأخرى من عهد بعيد، وتذكرت زوجها فانقبض قلبها ودعت له بأن يحفظه الله فالبحر غدار لا يؤتمن على قشة.
تشابكت أحاسيس قلقها على زوجها مع انشغال بالها على أمها وأبيها، تمنت أن تذهب إليهما للاطمئنان عليهما، ورغم ذلك لم تنبس ببنت شفة، وحماتها تنظر إليها بين الفينة والأخرى بانتظار فك الحصارعن لسانها بأي كلمة تنطق بها، حتى لو كانت بشتم ابنتها.
طال انتظار العجوز دون فائدة، وهي تتقلى على جمر الصبر.
عاد البيت مرتبا نظيفا بعد ساعة ونيف من العمل كما كان قبل مجيء وجيهة وأولادها إليه. وقبل أن تعود سراب إلى غرفتها سمعت حماتها تناديها، التفتت إليها، رأتها تحمل صينية قش صغيرة وفوقها أطباق الطعام، أشارت إليها برأسها أن اقتربي وعلى ثغرها ابتسامة رقيقة. وقفت سراب تنظر في وجه العجوز وطيف عادل يلوح لها من بعيد وصدى كلماته يرن في أذنها( أمي أمانة في عنقك ياسراب) وظل صوته يلاحقها وهي تركض صوبها.. تتناول الصينية منها ودموعها تملأ وجهها، والعجوز تربت على كتفها قائلة بفرح: أصيلة ياسراب. تناولي طعامك، واستعدي لنذهب معا إلى بيت أهلك فقد اشتقت لأمك كثيرا.
وضعت سراب صينية الطعام فوق الأرض وعانقت حماتها ولسان حالها يقول، ليس لك ذنب فيما حصل ياامرأة عمي.
لم تعد أم عادل وسراب من بيت أهلها قبل أن صفت القلوب خاصة بعد أن قال والدها بأن كلام وجيهة فيه من الصحة الشيء الكثير، ولكن في الآونة الأخيرة مُنع هؤلاء الشبان من الذهاب إلى الحبيس يوم الجمعة، ولاشك فإن وجيهة لو علمت بذلك لما حدث ماحدث.
عادت سراب وحماتها إلى البيت والابتسامة فوق ثغريهما وقد تلاشت من سماء نفسيهما غيوم الحزن وأشرقت فيهما أنوار الصفاء والمودة وهما تتبادلان تحية ما قبل النوم وتأوي كل منهما إلى غرفتها.
في تلك الليلة كانت السَّماء ملبَّدة بالغيوم، تلاقى فيها خريف امرأة بخريف عام فكيف كان اللقاء؟
لم تكن أمُّ عادل نشيطة هذا المساء، فقد أحسَّت بوعكة مفاجئة، فأوت إلى فراشها بعد صلاة العشاء، تدثَّرتْ ببطانية سميكة، وألصقت ركبتيها ببطنِّها طلباً للدِّفء، وغطَّت في نومٍ عميق، بينما كانت سراب تسهر في غرفتها وهي تتابع إحدى التَّمثيليات على شاشة التِّلفاز.
بقلم
زاهية بنت البحر
يتبع


 


رد مع اقتباس
قديم 07-18-2011, 09:39 PM   #20 (permalink)
زاهية
عضو مشارك


الصورة الرمزية زاهية
زاهية غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3125
 تاريخ التسجيل :  May 2011
 أخر زيارة : 07-26-2011 (07:15 PM)
 المشاركات : 43 [ + ]
 التقييم :  10
افتراضي رد: بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)8



ربما كانت السَّاعة الواحدة ليلاً عندما استيقظت العجوز فزعة، تتقاذفها الأوهام، هبَّت من فراشها، أشعلت نور المصباح الكهربائي، وخرجت من غرفتها إلى فسحة الدَّار.
أحست برهبة، اقشعر بدنها وهي تسمع صوت الرِّيح كعواء الذِّئاب يزداد حدَّة باشتداد اهتزاز أغصان الأشجار التي تغطي فناء الدَّار.
تفقَّدت عيناها أرجاء المكان، فرأت نوراً ينبعث من حمَّام البيت في الخارج، وسمعت صوت حركة هناك، اقتربت من مصدر النُّور والصَّوت على حذر، من تراه هنا؟ الأبواب والنوافذ مقفلة.. أيكون حرامي استغل غياب عادل ونزل البيت للسرقة؟
سمعت أنين سراب، خافت أكثر، ترى هل أصابها مكروه، أسرعت باتجاه الحمام، وعندما وقفت ببابه، فوجئت بسراب وهي تتقيَّأ فوق المغسلة، ازداد خوفها حدة، سألتها: مابك ياابنتي؟
نظرت سراب إليها بتعب وقالت: أشعر بالغثيان ودواراً مزعجاً يا امرأة عمِّي.
قالت العجوز:عودي إلى غرفتك، تعالي، هاتي يدك، سأستدعي طبيب الجزيرة لمعاينتك.
لا أريد طبيباً، إنَّني (وأشارت إلى بطنها)
شهقت أم عادل شهقة كادت تودي بحياتها، سألتها: هل أنت حامل؟
هزَّت سراب رأسها بالإيجاب: منذ مدة قريبة.
فقالت العجوز بعتاب يمتزج بدمع الفرح: لِمَ لمْ تخبريني ألا أستحق منك هذه الفرحة؟
أجابتها بخجل: بلى والله تستحقّيِنها وزيادة، لكنني كنت أخشى ألا يكون الحمل حقيقيا.
رفعت أم عادل يديها نحو السماء تقدم قربان الشكر دمعاً : الحمد لك يارب.. كم أنت كريم. سأزغرد.
استوقفتها سراب ممسكة بيدها: لا تفعلي، جعلتك الفرحة تنسين أننا في وقت متأخر من الليل.
فقالت أم عادل: وليكن لم يعد للوقت عندي حساب.
قالت سراب: حسنا فلننتظر حتى تشرق الشمس، أليس الغد لناظره قريبا؟ أجابت العجوز هذه المرة بحكمة وهدوء: بلى فالعمر لحظة.

العمر لحظة، ولكن كم تضم هذه اللحظة من حوادث فرح وحزن ومفاجآتٍ يرسمها القدر بعيداً عن إرادة البشر؟
قضية أم عادل كانت حلماً حاربت من أجله بسلاح المنطق والأخذ بالأسباب، فهي تريد حفيداً يحمل اسم زوجها هاشم، فما انتصرت بمنطقها، وما تحقَّقت قضيَّتها إلا بإرادة الله، فحدثت المعجزة، وتهاوى المنطق البشري أمام القدرة الإلهيَّة.
رائع هذا الصباح أحست درَّة بفتوة تنمو في جسدها المثقل بسنوات التعب، المحني بهموم العيش، المفرغ من بريق الوعد.
العمر لحظة.. قطع قطار زمنها خلالها محطات كثيرة حاولت أن تنسجم معها بمنطق الحكمة، تحَوِّلُ الحزن فيها فرحاً، واليأس أملاً، ولكن بقناعة المعدم.
العمرلحظة خلعت القناع، ضمها الأمل إلى كتائبه الباسمة الزاهية بالألوان،
ألبسها الربيع ثوباً، والشمس إشراقاً، والتفاؤل وشاحاً.
مساحة الأمل لا تحصرها حدود، فسيحة كالأحلام، شاهقة كالمستحيل، بديعة كالولادة. حملتها فرحتها الوليدة إلى عوالم براقة ساحرة.. حنونة.. فوضويَّة الرُّؤى.. سمعت فيها صوت هاشم يناديها.. رأته يلعب معها.. تحضنه.. تطعمه.. تقبِّله، يهرب منها.. أحبت البداية وكرهت النهاية، وهنت ركبتاها.. شهقت.. أسرعت تمسك به لا تريده أن يهرب منها أبداً.. أبداَ.. خافت عليه في الحلم.. نعم، ولكنَّها ستخاف عليه في الحقيقة أكثر.

لا لن تخبر أحداً بحمل سراب خشية الحسد، فالعيون فارغة لا يملأها إلا حفنة من تراب، وهي لم تصدق أن سراب ستحمل يومًا فلن تتركها صيدا للعيون الفارغة.
الحرص هنا واجب، وسيكون مسلكها، لن تخبر أحداً حتى عادل لن تبعث إليه بالبشرى كي لا يترك السفينة، ويعود، فيخسر المال الذي سيشتري به البيت الجديد، تريد أن تطمئن على سكنه قبل موتها.
تغير المنطق أم هي التي تغيرت؟ فوضى الفرح، فوضى الأحاسيس المتمرِّدة، فوضى اللحظة، ترى من تغير؟ هي تعرف فقط أنَّها يجب أن تكون حريصة في المحافظة على هاشم وليكن ما يكون.
وافقت سراب أمَّ عادل الرأي بشأن إخفاء خبر الحمل.
عجوز قدَّرت وشابة تفهَّمت فكان الاتِّفاق.
إتِّفاق سرِّيٌّ أبرم بين الخريف والربيع فأنجز خيراً.
إنجاز مهم لن يعلم به سوى عائلة سراب، وأخت عادل وجيهة، وبذلك يبقى الخبر طيَّ الكتمان.
أسرة سراب لا تحب الثرثرة.

أب صارم حازم لا يجامل أحداً، لكنَّه يحسن التَّدبير، هادئ الأعصاب غالباً، يشكو من ارتفاعٍ في ضغط الدم، لم يرزق ذكوراً.
علية أم سراب سيدة في الخمسين من العمر، عاطفية، من أصل تركي، أنهت دراستها الابتدائية في الجزيرة، تزوَّجت في الرابعة عشرة من عمرها، وأنجبت خمس بنات أصغرهنَّ سراب.
حدَّثت ْعلية زوجها بشأن إخفاء خبر حمل سراب، اتَّهم الجميع بالهذيان، وعقم التفكير، وأعلن براءته مما يعملن.
وبعد كثير من المناقشة والمجادلة، وافقهنَّ على مضض من أجل عادل، وهدفه المادي الذي سافر في البحر من أجله، وليس من أجل الحسد، وقلة عقل النسوان.
قال لزوجته: عجيب أمر النساء والله، كنتنَّ تلهثن وراء الحمل، والآن تلهثن من أجل ستره!
سألته علية: ساعدنا بطريقة تمكننا من ستر الحمل دون قيل وقال؟
فقال متبرمًا: حسبي الله نعم الوكيل من كيد النساء، ومن أفكارهنَّ الغريبة.
فقالت: هذا الأمر لن نختلف فيه أبداً، ولكن أنقذنا مما نحن فيه من حيرة؟
قال بعد تردُّد: لا حول ولا قوة إلا بالله ، اسمعي جيدا إن كنت تصرين على رأيك في كتم الخبر.
قالت بلهفة: قل يارجل وأرحني أراحك الله من أعدائك؟
قال: في الأشهر الأولى لا توجد مشكلة لأن الحمل يحتاج لوقت كي يبدو للعيان، وماتبقى من أشهره تجلس سراب في البيت، ولا تقابل أحداً حتَّى يقضي الله أمراً كان مفعولا.
سألته: ولكن قد تطول مدة احتجابها عن الناس، فماذا سنقول لهم إن هم سألوا عنها؟
أجاب: لن تعدمن حجَّة، إن كيدكن عظيم.

بقلم
زاهية بنت البحر
يتبع


 


رد مع اقتباس
 
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شاطئ البحر وهو متجمد غزلان المجلس العام 9 08-07-2011 10:25 AM
صور لنجم البحر المقحم المجلس العام 13 07-22-2011 04:39 PM
البحر الميت راعي الوفا مجلس السفر والرحلات البرية 4 12-21-2010 04:56 AM
عمر البحر ماشال هم السفينه عرمان العرماني مجلس الأدب ( شعر ، نثر ، قصص ) 20 11-30-2010 05:29 PM
من يعيش على الأمل لايعرف المستحيل عرماني وافتخر المجلس العام 20 11-27-2010 12:32 AM


الساعة الآن 05:44 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
الحقوق محفوظة لمنتدى قبيلة عرمان الرسمي 2020م
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
 
 
 

SEO by vBSEO 3.6.0