ابتسمت الحياة في وجه سراب، بعد سنوات مرَّت رمادية ببؤس مرير. لم يكن هناك ما يملأ حياتها سوى عادل، ولكن بغصة حزن لشعورهما بالحرمان من طفل يناديهما بابا، وماما.
كل شيء بات اليوم أجمل.. لإشراق الصباح بهجة لم تعرفها من قبل.. لشقشقة العصافير فوق أشجار بيتها لحن عذب أصبحت تنصت إليه باهتمام وكأنه لايشقشق إلا لها دون الناس جميعا.. يحملها على أوتار عزفه إلى هناك حيث السعادة في مستقبل قادم ترى فيه طفلها يشارك العنادل أغاريدها، وبينهما عادل بابتسامته العريضة يمتع ناظريه بجمال طفله، ويحضنهما معا بصدر الحنان.
يااااه ما أجمل الغد، سيكون عندها بيت كبير وحديقة غناء.. زهور.. عصافير.. ماء وسماء تشرق فيها شمس محبة لا تغيب، تجمعهم دائما فوق بساط الأمل مع أم عادل المرهقة بالانتظار.. سيكون الغد رائعا حتى ولو لم يشترِ عادل بيتا كبيرا كما تريد.. يكفيهما هذا مادام فيه طفلهما بما سيملأ أجواءه من بهجة وسعادة.
اليوم بدت سراب في حب للحياة يحملها إليه الأمل، راحت تشكر الله طليقة اللسان، فليس هناك أجمل ولا أروع من عودة الحب إلى القلوب التي سكنها الصقيع، فتجمدت فيها دماء المنى، وانتشرت حولها أمراض اليأس فغدت الدنيا كئيبة، حزينة والتشاؤم، يسعى فيها فسادا.
سراب هي اليوم غير سراب الأمس، لن تكره أحدا في هذا العالم، هي تتمنى للجميع السعادة وأن يرتشفوا من منهلها رواء كالذي ملأت به كأسها الظمأى. تحس بأنها تغيرت حقيقة فلم تعد تهربُ بالحلم إلى أدغال الرؤى، بعيدا، بعيدا.. تتوه في أفيائها حائرة، هذه- لا.. هذا- بل تلك.. و… تعود برفة جفنٍ إلى واقع مؤلم، وفي جعبتها بقايا أمنياتٍ تضربها أجنحة الريح بصحوتها.. تتفلتُ من يدها هباء منثورا.
الحمد لله الذي تفضل عليها بالنعم عاهدت نفسها أن تقول لعادل عندما يعود ما لمْ تقلْهُ امرأةٌ لمنْ تحبُّ، وكما خبأ حبها في صدفاتِ النور، فقد أودعتُ حبَّه في سرِّ الضياء والجمال، فابتسمَ الكونُ في وجهي العاشقين، وستغني لهما الحور بهمسِ دقاتِ القلوب، وهما يحضنان أولادهما عصافير محبة وحنانٍ، ولم لا؟!! فمن حقهما أن يفرحا.. يبتسما.. يستنشقا عبير الحياة النقي.. أن يحضنا أطفالهما بحبٍّ واطمئنان.. أن يعانقا عمريهما بتوحد الروح مع الجسد..
بقلم
زاهية بنت البحر
يتبع