قال تعالى ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) الزمر 67
في 1 اغسطس من عام 1914م قرر القبطان الانجليزي السير أرنست شاكلتون مع مجموهة من رجاله المتخصصين والباحثون قدرها 28 قرر ان يعبر ويستكشف الجزء الجنوبي من القطب المتجمد الجنوبي المعروف بأسم ( قارة أنتاركتيكا )
يعني من بحر ويديل الى بحر روس في سفينتة القوية ( انديورنس )
الكابتن شاكلتون
صورة ورسم بياني لخطة مسير شاكلتون من بحر ويديل الى بحر روس
صورة توضح القطب المتجمد الجنوبي
وكانت في تلك الفترة اول اندلاع للحرب العالمية الاولى في اوروبا عندما اعلنت المانيا والنمسا والمجر وايطاليا الحرب على روسيا وفرنسا وانجلترا بسبب اغتيال ولي عهد النمسا وزوجته من قبل شخص صربي وصربيا كانت حليف روسيا
ولأن المكتشف أموندسون و سكوت وصلوا للقطب الجنوبي والامريكان وصلوا الى القطب الشمالي يرى شاكلتون ان هذه فرصة للتحدي الاخير والكبير في حياته .
المهم قبل الابحار توقعوا ان تتم هذه الرحلة في مدة اقصاها 6 اشهر
تحركت السفينة تريد بحر ويديل والى القرب اكثر من خليج Vahsel وكان وعلى متنها 28 بحاراً منهم الملاح والطبيب والمصور والنجار والباحث من بوينس ايرس في 26 اكتوبر 1914م
طاقم السفينة واسماءهم
ولكن عند وصولهم بحر ويديل وقبل وصولهم الى خليج Vahsel فجأة تجمد البحر نعم تجمد البحر وصار كأنه يابسه تحتهم لم تستطع السفينة القوية التحرك صارت مغلقة بالجليد فأنجرفت الى خليج Vahsel وبدأت بالانجراف الى الشمال
رسم بياني لتجمد وانجراف السفينة من مواقع مختلفة للشمال
ارتفعت درجات البرودة الى ان وصلت 40 درجة مئوية تحت الصفر فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
كان من ضمن طاقم السفينة المصور الرسمي للسفينة فرانك هيرلي الذي رصد الاحداث ووثقها من خلال صور كاميرته .
صورة للسفينة ( انديورنس ) وهي محاصرة بالجليد 1915م
ومن تاريخ 19 يناير 1915م وهم يصارعون الجليد في سفينتهم يحاولون كسر الجليد لكي تعبر السفينة لكن خاب املهم
وهو عندما يكسرون الجليد لا يلبثون الا ساعات قليلة ليتجمد البحر من جديد
استمروا لمدة ثلاث ايام كلهم يسعى لعبور السفينة عن طريق كسر الجليد لكنهم تفأجاو ان الذي يكسرونه يعود مرة اخرة للتجمد 14 فبراير 1914
صورة وهم فوق البحر المتجمد سبحان الله
لقد حوصروا في البحر تماماً وتجمد بهم وبسفينتهم القوية كما يزعمون لم تصمد سفينتهم من قوة ضغط الجليد الذي يحيط بها
ليلة طويلة في ظلام الشتاء في احدى الليالي القاسية في الجليد 27 أغسطس 1915
انظروا الى هذه الصورة المروعة للسفينة وهي طافية فوق الجليد انها لم تكن سفينة ابداً بل ظل سفينة
وفي خلال 9 اشهر لم تصمد السفينة اكثر من ذلك فتكسرت وتبعثرت تدريجياً في البحر خلال 9 اشهر فقط
تم سحق السفينة تماماً بسبب الضغط الهائل من الجليد المتجمد
المصور فرانك يطالع لاجزاء السفينة قبل ان يبتلعها الجليد
وفي تاريخ 1 نوفمبر 1915 قرر شاكلتون ان يتركوا السفينة المحطمة ويقيم مخيم على كتلة من الجليد
انها لحظات قد ترى الموت أمامك وانت لا تستطيع فعل شي حيث تقطعت بهم كل السبل ، لا اتصال ولا مرور سفن من هذه المناطق انها منطقة خالية جداً من الحياة .
تفريغ السفينة المحطمة في مخيم في صباح اليوم التالي لكارثة تحطم السفينة
الكابتن شاكلتون يمين والمصور فرانك هيرلي يسار في مخيم المحيط
وكانت قوارب النجاة فوق الجليد معهم
قال شاكلتون انه من المستحيل الاحتفاظ بالقوارب في بحر متجمد لذا قرر أن يركبوا القوارب وينطلقوا الى اقرب جزيرة
وفعلاً تمكنوا من الوصول الى جزيرة الفيل وكانت غير مأهولة ونائية بعيدة عن الممرات الملاحية و قاحلة وصخرية
وفي 16 ابريل من عام 1916 وعند وصولهم الى جزيرة الفيل كانوا في حالة يرثى لها كانوا منهكين جداً وباردين وضعفاء من الرحلة الشاقة كانوا قلقون من قلة الامدادات الغذائية التي لن تدوم طويلاً
وفي 24 ابريل قرر شاكلتون الابحار لكي ياتي بالمساعدة والانقاذ واقرب مكان هو جزيرة جورجيا الجنوبية التي تبعد 800 كيلو متر وكان يعلم انه سيجد مساعدة في مراكز صيد الحيتان في الجانب الشمالي منها
اخذ شاكلتون افضل قارب لدية طوله 7 متر وعرضه مترين وكان معه في رحلة الانقاذ خمسة من رجاله وهو يعلم ان المحيط الجنوبي اشد عصفاً من اي منطقة بالعالم
قبل ان يذهب اوعز شاكلتون الى النجار تشيبي ميكنش ان يجعل القارب اكثر قوة وصلابة في الاسفل لانه هو الاهم وجعل فوق ظهر القارب قماش ثقيل ليعطيه حماية اكبر
تحرك شاكلتون وترك المجموعة الباقية في جزيرة الفيل
وفي اثناء رحلة الانقاذ هبت عليهم العواصف العنيفة وواجهوا الموت بأعينهم واعتقدوا ان القارب على وشك الغرق في ظروف مرعبة للغاية وارتفعت عليهم الامواج التي بدأت كأنها مثل الجبال العالية فوقهم
كانوا هؤلاء الستة دائماً مبتلين وباردين ومن اكبر المخاطر التي واجهوها كانت في الجليد الذي غطى القارب حتى انهم عندما جمعوه صار مثل الكرة الكبيرة
وكان في كل مرة من شدة العواصف والامواج الشديدة كاد ان ينقلب عليهم القارب كانوا يجاهدون ليمنعوا انقلابه في احوال سيئة للغاية فالله المستعان
كانوا يقطعون بمعدل 70 كيلومتر يومياً في عرض المحيط لكي يصلوا بأسرع وقت ممكن الى جزيرة جورجيا الجنوبية
وبعد نجاتهم من البحر واهواله وبعد 15 يوماً امضوها غير مصدقين بنجاتهم وبوصولهم الى شاطى جزيرة جورجيا الجنوبية
عندما وصلوها لم يجدوا احداً على الشاطى كان شاكلتون يعرف ان مركز صيد الحيتان خلف الجبال العالية التي امامهم
قرروا صعود تلك الجبال التي تقدر ارتفاعها 3000 قدم ( 914 متر ) كان من ضمن المجموعة الجندي البحري توم كرين وفرانك رسلي وهو الملاح الخبير وهو كان لديه خبرة كبيرة في تسلق الجبال وفعلاً استطاعوا تسلق الجبال العاتية التي لم تعبر من قبل ابداً للوصول الى الجانب الشمالي من الجزيرة
النقيب والملاح فرانك رسلي
استمروا في الصعود لمدة 36 ساعة 40 ميلاً فوق التضاريس الجبلية والثلجية وهم يتوقعون في اي لحظة الموت من جراء الانهيارات الجليدية التي تنهار امام ناظرهم وعند صعودهم الجبال سمعوا صافرات البحاره عرفوا حينئذاً انهم في الطريق الصحيح وصلوا عند مركز صيد الحيتان والى الناس التي يمكن ان يساعدوهم
مركز صيد الحيتان في شمال جورجيا الجنوبية
المجموعة الباقية الاثنان والعشرون ماذا حل بهم نفذ الطعام عندهم وبدأ الخوف يسيطر عليهم لكن عندما راوء اعداد قليلة من الفقمة وبعض الطيور قرروا اكلها لكي لا يموتون من الجوع الذي حل بهم
لقد انتظروا مدة كبيرة جداً انهم حقاً رجال وهذه ارادة الله سبحانه
صورة لهم في جزيرة الفيل
وفي انتظار طويل وطويل جداً على جزيرة الفيل حتى تاريخ 30 اغسطس 1916م تم انقاذهم وانتشالهم بواسطة سفينة على متنها الكابتن شاكلتون
جميع من كانوا مع الكابتن شاكلتون آمنو بأن بقائهم على قيد الحياة يرجع الى حد كبير لقيادته الكبيرة
كانوا يعتقدون انه من المستحيل ان يرجعوا الى ديارهم بدون خسائر بالارواح
وبعد انقاذهم رجعوا على الفور الى ديارهم حيث الواقع الأليم للحرب العالمية الاولى التي لم تنتهي
ومن المأساة التي حلت بهم بعد نجاتهم من المخاطر الكثيرة والصعبة التي واجهوها مع شاكلتون مات بعضهم في الحرب العالمية
مات شاكلتون بنوبة قلبية في 5 يناير عام 1922م وكان في طريقة مرة اخرى الى القطب الجنوبي على متن سفينة اخرى اسمها ( البحث ) في غريتفيكن جنوب جورجيا ودفن هناك
والقارة الجنوبية اليوم مشتركة بين 27 دولة التي لديها علماء متمركزون هناك
وكانت اثنا عشر دولة وقعت على معاهدة القطب الجنوبي عام 1959م وهم بريطانيا والأرجنتين واستراليا وبلجيكا وتشيلي وفرنسا واليابان ونيوزيلندا والنرويج وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق.
رحلة السير ارنست شاكلتون عبر القارة القطبية الجنوبية من 1914 --1916 هي واحدة من رحلات المغامرة التي لا تصدق من البطولة والثبات في المشاق المروعة.
إنها رحلة شاقة من القيادة والبطولة تخيلوا سنة و 10 اشهر وهم في قارة متجمدة كيف استطاعوا العيش كيف واجهوا العواصف والرياح والثلوج المتساقطة عليهم انهم لا يدرون انها ارادة الله العلي القدير هي السبب في نجاتهم فسبحان الله ولا اله الا الله القوي العزيز